الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سببٌ لكفاية الهموم ومغفرة الذنوب
قال الله تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) [الأحزاب : 56]
قال المفسرون : إن الله تعالى يثني على النبي صلى الله عليه وسلم عند الملائكة المقربين, وملائكته يثنون على النبي ويدعون له , يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه , صلُّوا على رسول لله ( صلى الله عليه وسلم ) , وسلِّموا تسليمًا, تحية وتعظيمًا له.
وعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ :
) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ ) .
قَالَ أُبَيٌّ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟
فَقَالَ : مَا شِئْتَ .
قَالَ : قُلْتُ : الرُّبُعَ ؟! قَالَ مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ .
قُلْتُ : النِّصْفَ ؟! قَالَ : مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ .
قَالَ : قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ .
قُلْتُ : أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟
قَالَ : ( إذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ) رواه الترمذي ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : في " الرد على البكري " حين تحدث عن شرح قوله صلى الله عليه وسلم ( إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ) :
(وهذا غاية ما يدعو به الإنسانُ لنفسه من جلبِ الخيراتِ ودفعِ المضرات ؛ فإن الدعاء فيه تحصيلُ المطلوب واندفاع المرهوب (
وقال بعضُ شرَّاح المصابيح : ( .. فلم يرَ صلى الله عليه وسلم أن يُعيِّنَ له في ذلك حداً ، لئلا يغلق باب المزيد ؛ فلم يزل يفوض الاختيار إليه ، مع مراعاة الحث على المزيد ، حتى قال : أجعلُ لك صلاتي كلها ،
فقال : إذاً تكفى همك ؛ أي : ما أهمك من أمر دينك ودنياك ، لأن الصلاة عليه مشتملة على ذكر الله تعالى وتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي في المعنى إشارة له بالدعاء لنفسه .. ) نقله السخاوي في " القول البديع " .
ولاشك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ... قربةٌ من أجلِّ القربات وسببٌ لزوال الهموم ومغفرة الذنوب ، ولا عجب أن تكون كذلك فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم )
: ( من صلَّى عليَّ صلاةً صلى اللهُ عليهِ بها عشراً ) ، فإذا صلى الله على عبدٍ من عباده كان ذلك سبباً لسعادته وزوال همومه ومغفرة ذنوبه.
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قَالَ :
( أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً ) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب .
قال في "تحفة الأحوذي" : قوله ( أولى الناس بي ) أي أقربهم بي أو أحقهم بشفاعتي ( أكثرهم علي صلاة ) :
لأن كثرة الصلاة منبئة عن التعظيم ، المقتضي للمتابعة الناشئة عن المحبة الكاملة ، المرتبة عليها محبة الله تعالى .
قال تعالى ) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (
وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبتت في السنة على أنواع منها :
" اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على آل إبراهيم , إنك حميد مجيد,
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على آل إبراهيم , إنك حميد مجيد ".
فيا من يبتغي الفرج من ربه وزوال كره وهمه ويطلب مغفرة ذنوبه عليك بكثرة الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنها سببٌ لزوال الهموم ومغفرة الذنوب .